'قشّارة حوت' تتحدث في عيدها: هذه تجربتي في عالم الرجال
صبيحة 13 أوت، ارتدت سنية 47 سنة أصيلة المرسي زيها المعتاد قميصا صيفيا وجينز بلون زرقة البحر وانتعلت حذاء رياضيا على عجل.
لم تتجه لساحات التظاهر لتهتف في عيد المرأة بل امتطت سيارتها نحو وجهة معتادة: العمل، غير أن ساحة العمل هذه لم تعتد على استقبال النساء في ميدان اكتسحه شديدي البأس من الرجال.
أن تعمل سمسارا لبيع السمك يعني أن تتحلى بشيء من الخشونة، الكثير من العزم وقوة الإرادة والكثير الكثير من الصبر في ميدان متلاطم الصعوبات، تقول ضيفة موزاييك سنية بن بدير.
استضفنا السيدة سنية لنرافقها في رحلة تكريم توثق يوما من أيام عملها في ميدان يشهد كل يوم ألم بتفاصيله بكونه دربا وعرا للرزق، غير أن والدة أربع زهرات مريم وياسمين وفاطمة وعائشة لا تلقي بالا لصعوبات العمل بل تستعين بها على طرد غيوم تلبدت بسماء رزقها.
سيدة انفصلت عن زوجها إثر 23 سنة من العيش المشترك لتجد نفسها المعيل الوحيد لبناتها، لم تقدم لها الحياة خيارات كثيرة ولا يمكنها إهدار يوم واحد دون عمل فاقتحمت معترك الحياة عند أول عرض.
ما ضير لو عملت بائعة سمك في السوق البلدي بالمرسى رفقة شقيقتها! لا ضير تقول مادامت ستعود آخر يومها مطمئنة على قدرتها على تلبية مستلزمات العائلة.. ومن هنا انطلقت رحلة التميز ألمت بتفاصيل تجارة السمك من استجلابه من البحارة إلى سبر مسالك توزيعه فكان الحلم الاستثمار في هذا الميدان.
قدم لها صهرها يد المساعدة بتوفير رأس المال، ما يلزم لتهيئة شاحنة مثلجة ودفعة أولى لشراء السمك من المنتج.
ودلتها خبرتها على التخصص في بيع سمك "الورقة" و"القاروس" بعد انتشار مزارع الأسماك في تونس.
بيدين تتشبثان بمقود الشاحنة كمن يتشبث بحلم، و عجلات السيارة تطوي الطريق طيا لتختصر مسافات طويلة من التعب والمثابرة، استذكرت سنية اول يوم وقفت فيه أمام زملائها الرجال تطلب اعتمادها سمسارة في عالم " كاسح" كما تصفه.. لم تلق بالا للدهشة والاستنكار الذي علا الوجوه بل استجمعت كلمات التأييد والتشجيع لتجعلها سلاحها في رحلاتها المتعددة بين مزارع السمك.
ومضت سنتان على بدء الرحلة، " فلا الدرب انتهى ولا الرحلة انتهت، انتهت مخاوف كثيرة كانت تؤرقها كسداد معلوم الكراء وتوفير مستلزمات حياة بناتها.. بل اليوم الحلم أكبر، حلمها مساعدة بناتها على تنفيذ مشاريعهن الخاصة لا سيما أن مريم وياسمين على أبواب التخرج بامتياز مستحق... شاهد معنا حديث سنية البريندي السيدة التونسية الوحيدة التي تعمل سمسار في بيع السمك واستمع لرسالتها للسياسيين في عيد المرأة.
*سهام عمار